Posted by: kelma | 3 سبتمبر 2008

“استراحة الشيخ نبيل”… حكاية وطن مهزوم


رواية جديدة ترصد تأثير الشعور بالهزيمة العربية على يد اسرائيل

“استراحة الشيخ نبيل”… حكاية وطن مهزوم

 

القاهرة: محمد البحيري

احتفت دار العالم الثالث في القاهرة بصدور رواية “استراحة الشيخ نبيل” للكاتب عبد الستار حتيتة في ندوة خاصة حضرها عدد من النقاد والمبدعين. وحظيت الرواية بترحيب خاص من النقاد لما تنطوي عليه من خصوصية في التناول.

تدور أحداث الرواية، التي تقع في 380 صفحة، في الفترة الواقعة بين حرب الاستنزاف المصرية ضد العدو الصهيوني في أواخر الستينيات وحتى النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي. وتتخذ من محافظة مطروح، في شمال غرب مصر، محوراً لأحداثها. وتتناول الرواية، من خلال بطلها “الشيخ نبيل”، تأثير الشعور بالهزيمة العربية على يد إسرائيل عام 1967، والهزيمة العربية على يد إسرائيل والولايات المتحدة أيضاً، في لبنان عام 1982 والعراق عام 1991. ويتطور تأثير هذا الشعور على البطل منذ كان طفلاً فصبياً وحتى أصبح شاباً يحاول أن يقدم طريقة مختلفة للتعاطي مع الواقع العربي والإسلامي.. حيث يتخذ هذا الواقع من الديكتاتورية والقمع ستاراً للتهرب من مسئولية الهزيمة والفشل أمام القوى الاستعمارية الكبرى.

ويجد بطل الرواية نفسه اكثر ايجابية من الاخرين، محاولاً، بطريقته، حث الناس على تغيير واقعهم، مدفوعاً بالرغبة في التخلص من العار حتى لو قدم روحه فداء واستشهاداً في سبيل الله.

وقال الناقد مدحت الجيار أن عبد الستار حتيتة، مؤلف الرواية، عبر في سطور روايته عن جيله وأزماته التي عصفت بوطنه. واضاف: “كنت في الجامعة حين بدأ النزوح من مصر إلى أماكن أصبحت مراكز لتدريب الشباب على حمل السلاح ومقاومة السلطة والاعتداء على حريات الناس، لأن هزيمة 1967 كانت تشجع الناس على ذلك. وانتصار 1973 حقق نوعاً من التوازن لكن الأمور بعد عام 1973 بدأت تأخذ طريقاً آخر”.

وابدي الجيار استغرابه لذاكرة الكاتب التي تمكن من خلالها التنقل بعوالم الرواية بين العديد من البلدان دون أن يفلت الخيط من القارئ.. “من مصر الى أفغانستان ثم باكستان والسعودية واليمن وأفريقيا.. كان خلالها يتحول أحياناً إلى جيولوجي وأحياناً إلى شاعر يتغزل في كثير من المشاهد، وأحياناً يتحول الى خطيب مسجد وأحياناً يصبح خطيبا في الجامعة ومرة لخطيب في الجبل.. وكل خطبة مختلفة عن الأخرى.  وأحياناً إلى نادب لحظه وحظ بطل روايته”.

ويضيف الجيار أن التشظي في الشخصيات وتنوعها وتعددها جعل هناك عدة مستويات في الرواية.. رواية استراحة الشيخ نبيل هي “استراحة المحارب”. “ولو جمعنا تفاصيل الشيخ نبيل لوجدناه الشخصية الرئيسية في الرواية لكن البطولة في النص لا تقف عند الشيخ نبيل وحده لأن هناك بطولات أخرى متعددة أسهمت في إثراء الرواية”.

وإشار الجيار إلى أن استراحة الشيخ نبيل حين تفحمت كانت بالأساس إشارة إلى تفحم التنظيم الإرهابي وتفحم الحرية وتفحم الوطن بأكمله.

ويواصل الجيار: “من الأشياء الأخرى التي لفتت نظري غيرة البطل على وطنه رغم اختلافه الإيديولوجي الذي يشاع أنه يعمل ضد الوطن.. الشيخ نبيل غار على مصر حين تعرضت لانتقادات لمواقفها من آخرين من غير المصريين.. لا تقل لي يسارا ولا يمينا ولا وسطا.. في مثل هذه الحالات نكون جميعنا مصريون. الوطن وطن.. يكون فيه عقارب أو ثعابين لكنه في النهاية وطننا الذي ينبغي أن ندافع عنه وهذا ما فعله بطل الرواية. ولهذا لا يجب أن نركن كمصريين ومثقفين على وجه الخصوص إلى الأمراض السياسية مثل الاتهام بالتخوين، لأننا بهذا نكون جميعاً من الخاسرين.

واضاف: أشكر المؤلف على موقفه من حرب أكتوبر عام 1973 لأن هذا هو الانتصار الوحيد لنا في 200 سنة.. انتصار منقوص أو غير منقوص.. به قطعة خضراء وقطعة حمراء أنا موافق.. الجندي المصري كان يقاتل ولم يكن يعلم بأي اتفاقات. كانت حرباً حقيقية انتصر فيها الجيش المصري.. كون جاءت ضغوط دولية بعد لك.. هذا أمر آخر”.

من جانبه قال الشاعر عيد عبد الحليم أن الرواية تدور قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001. وحول الفترة التي سبقت هذه الواقعة المفصلية، خاصة في العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والانكسار العربي والإسلامي أمام الاستعمار الجديد الذي استولى على فلسطين والقدس، ألا وهي إسرائيل.. منذ نشأتها حتى يومنا هذا..  وتتخذ الرواية من مدينة مرسى مطروح، محوراً لأحداثها وتتعامل مع العديد من الشخصيات المتنوعة والثرية، أهمها شخصية البطل، الشيخ نبيل عبد الرحمن، الشهير في محافظة مطروح. ويرى عبد الحليم أن الكاتب فاجأنا بهذه الرواية الصعبة والسهلة في آن واحد، سواء من حيث التركيبات اللغوية الجديدة والجمل المميزة، أو من خلال حبكة الرواية وتداخل شخوصها في بعضهم البعض، وإعادة تفكيكهم، ثم النسج فيما بينهم مرة ثالثة في أسلوب غير مسبوق.

من جانبه أشار الناقد أحمد سعيد أن هناك قدر كبير من التضليل والتعتيم على الرواية لأسباب كثيرة منها ما يخص النص الذي كتبت به ومنها ما يخص المناخ العام الذي نعيشه.. المناخ السياسي والاجتماعين هذا النص الروائي مهم في سسيولوجيا الإسلام السياسي. الاستراحة في رواية “استراحة الشيخ نبيل”، ليست استراحة هادئة بل قلقة ومتوترة ومليئة بالزخم الثقافي والسياسي داخل شخصية الشيخ نبيل، وهي شخصية قريبة لشخصية “المتطرف العولمي الجديد”، وكذلك داخل المجتمع وداخل الدولة.. واللغة المكتوب بها الرواية متعمقة إلى حد بعيد داخل سيكولوجية شخصية الشيخ؛ الشخصية الرئيسية للرواية. وتعدد الشخصيات في الرواية هو في الحقيقة تفكيك لشخصية واحدة هي شخصية البطل. أما الجانب الذي قد يصفه البعض في الرواية بأنه توثيقي فأنا أرى أنه ليس كذلك بل هو عملية درامية تنقلنا من عوالم مرسى مطروح إلى القاهرة والسعودية فأفغانستان وباكستان وألمانيا وهكذا..

ويرى سعيد في أسم بطل الرواية “الشيخ نبيل” النبل في محافظته وطهرانيته الموجودة عنده قائلا ” الشيخ نبيل تنازعه العوالم القديمة الموجودة عنده، وهو لديه خطاب مغلق في مجتمع مصري مريض. صراع ذاكرة بطل الرواية، الشيخ نبيل، هو صراع داخل الذاكرة المصرية المحبة للحياة والفن.. هو من الشخصيات الجميلة لكن في نفس الوقت “من الممكن أن تذبحك”.

 

نشرت في جريدة الراية القطرية بتاريخ 3 سبتمبر 2008


أضف تعليق

التصنيفات